الموضوع
:
تفسير الحديث الشريف عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللَّهُ مِنَ النَّارِ
عرض مشاركة واحدة
احصائياتى
الردود
0
المشاهدات
1829
GNA88
Senior Member
المشاركات
607
+
التقييم
0.18
تاريخ التسجيل
Nov 2015
الاقامة
نظام التشغيل
رقم العضوية
216
03-12-2015, 03:27 PM
المشاركة
1
03-12-2015, 03:27 PM
المشاركة
1
Tweet
تفسير الحديث الشريف عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللَّهُ مِنَ النَّارِ
ذكرتم في الفتوى رقم : (148529) أنه قد يكون المراد بالحديث محمود الغزنوي والوليد بن عبدالملك ، وهنا أتساءل : هل يمكن أن يراد به أيضا أورنكزيب عالم كير؟ لأنه المسلم الوحيد الذي غز الهند كلها بما في ذلك بنجلادش وباكستان ، بينما الباقون غزوا مدنا بعينها وليس البلاد بكاملها ؟ وكذلك شير شاه سوري غزا أجزاءً من الهند وباكستان وبنجلادش .
الجواب:
الحمد لله
روى النسائي (3175) ، وأحمد (22396) عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
عِصَابَتَانِ
مِنْ
أُمَّتِي
أَحْرَزَهُمَا
اللَّهُ
مِنَ
النَّارِ: عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام )وصححه الألباني في "صحيح النسائي" .
فأفاد هذا
الحديث
الصحيح أن هناك جماعتين من المسلمين ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنجاتهما من النار : جماعة تغزو الهند ، وجماعة تكون مع عيسى عليه السلام .
ولم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهما إلا بالوصف المذكور ، فلا يُعرف عنهما إلا ذلك .
أما جماعة المسيح عليه السلام : فلا ينبغي الاختلاف عليها ، وأنها تكون زمان نزول المسيح عليه السلام .
وأما الجماعة التي تغزو الهند : فلم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها إلا أنها تغزو الهند ، فلا نتعدى في تعريفها ذلك .
وقد غزا المسلمون الهند ، مرة في عهد الوليد بن عبد الملك بقيادة القاسم بن محمد الثقفي ، ومرة في زمان العباسيين ، بقيادة محمود بن سُبُكتِكين .
أما السلطان " أورنك زيب " رحمه الله : فقد كان سلطان الهند ، وليس من فاتحيها الذين ابتدءوا فتحها، وغزاها من خارجها ، فقد ولد في الهند ، وأبوه السلطان " شاه جيهان " من سلاطين دولة المغول في الهند ، إلا أنه رحمه الله كان قائدا مجاهدا ، حرص على نشر الإسلام ، وتصحيح العقيدة ، ونبذ البدع ، ومحاربة أهلها ، فغزا كثيرا من أقاليم بلاد الهند ، حتى دانت له ، فنشر الدين ، وأخذ الجزية من كفار الهند ، وفتح الفتوحات العظيمة ، وأعزّ الله به الإسلام وأهله بتلك البلاد .
انظر جواب السؤال رقم : (174824) ، (148529) .
وأما شير شاه السوري: فهو أيضا سلطان من سلاطين الهند وملوكها .
وهو السلطان العادل شير شاه بن حسن خان بن إبراهيم السوري، وكان اسمه فريد خان. و"سور" قبيلة من الأفغان، وهم ينتسبون إلى الملوك الغورية .
قال عبد الحي الحسني في "نزهة الخواطر" (4/ 353):
" انتقل جده إبراهيم من جبال روه ، إلى أرض الهند ، وتوسل ولده حسن خان بالأمير جمال خان الأفغاني وأحسن الخدمة ، فأقطعه جمال خان سهسرام وخواص بور، وكان فريد خان أكبر أولاد أبيه ، وكان من خيار السلاطين ، عادلاً باذلاً ، كريماً رحيماً، شجاعاً مقداماً محظوظاً جداً، كان لا يقصد باباً مغلقاً إلا انفتح ، ولا يقدم على أمر مهم إلا اتضح ، وكان وزع أوقاته من يوم وليلة ، شطراً منها للعبادة ، وشطراً للعدل والقضاء، وبعضاً منها لإصلاح العسكر، فكان ينتبه من النوم في ثلث الليل الآخر ويغتسل ويتهجد ويشتغل بالأوراد إلى أربع ساعات نجومية ، ثم ينظر في حسابات الإدارات المختلفة ، ويرشد الأمراء فيما يهمهم من الأمور في ذلك اليوم ، ويهديهم إلى برنامج العمل اليومي لئلا يشوشوا أوقاته بعد ذلك بالأسئلة ، ثم يقوم ويتوضأ لصلاة الفجر ويصليها بالجماعة ، ثم يحضر لديه الأمراء فيسلمون عليه ، ثم يقوم ويصلي صلاة الإشراق ، ثم يسأل الناس عن حوائجهم ويعطيهم ما يحتاجون إليه من خيل وأقطاع وأموال وغير ذلك ، لئلا يسألوه في غير ذلك من الأوقات ، ثم يتوجه إلى المظلومين والمستغيثين ويجتهد في إغاثتهم " انتهى باختصار .
وبالجملة : فقد كان محمود السيرة ، يقوم بالعدل بين الناس ، صاحب عبادة وصلاح ، إلا أنه كان يميل إلى التصوف ، ويحافظ على أورادهم ، كالمسبعات العشر وغيرها ، كما يعرف ذلك من ترجمته .
وهو أيضا ليس ممن غزا الهند ابتداء، لأنه مولود بها ، ولكنه غزا بعض أقاليمها.
والخلاصة :
أن حديث ثوبان رضي الله عنه في فضل هذه العصابة التي تغزو الهند لم ينص على جماعة بعينها ، ولا عيّن زمانها ، فلا نستطيع القطع بهذا الفضل لأحد من الناس ، جماعات أو أفرادا ، ولكننا نحسن الثناء على كل من جاهد في سبيل الله ، وأعان على رفع كلمة الله ، واجتهد في إقامة الدين والعدل بين الناس ، ونسأل الله له الفوز بالجنة ، والنجاة من النار .
والأقرب إلى ظاهر
الحديث
ـ والله أعلم ـ أنه فيمن غزا الهند ابتداء ، فمن غزاها ابتداء كان أولى بهذا الفضل ممن عاش فيها ، ثم غزا بعض أقاليمها .
والله يؤتي فضله من يشاء ، والله واسع عليم ، سبحانه ، وجل وعلا .
والله تعالى أعلم .
رد مع الإقتباس